احبتى فى الله والله انى احبكم فى الله وكل عام وانتم بخير
بمناسبه القرب من موعد غزوه بدر حبيت اننى اكتب خاطره بسيطه عنها.
يقول الله تعالى فى سوره الانفال: { إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ }
والنعاس... عبارة عن السِّنة الأولى التي تأخذ الإنسان عندما يحب أن ينام، ويسميها العامة في مصر " تعسيلة " ويقولون: " فلان معسل ".... أي أخذته سِنَة النوم، وهي ليست نوماً بل فتور في الأعصاب يعقبه النوم، وهذا من آيات الله تعالى في أن يهب الإنسان راحة مؤقتة وليست نوماً. وسبحانه يقول عن ذاته العليا: { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } [البقرة: 255].
أي أنه - جل وعلا - لا يأخذه النومُ الخفيفُ ولا النوم الثقيل.
لأنّ السِّنة هي إلحاح من الجسم في طلب النوم، ويكون نوماً خفيفاً،
وسبحانه وتعالى ليس كمثله شيء فهو عز وجل لا يتجسد أو يتمثل في شيء،
لا السِّنة تأخذه ولا النوم يقاربه،
ونلحظ أن الإنسان إذا ما تكلم بجانب من تأخذخ السِّنة فهو يصحو وينتبه. أما النائم بعمق فقد لا يصحو.
فالسِّنة - إذن - هي الداعي الخفيف للراحة. أما النوم فهو الداعي الثقيل.
وهنا أنزل الله عليهم النعاس بمثابة مقدمة للنوم ليستريحوا قليلاً.
ونعلم أن النوم آية من آيات الله عز وجل في كونه؛ لأن الجسم حين يعبر عن نفسه بالحركة والطاقة ويأكل الغذاء ويشرب الماء ويتنفس الهواء، كل ذلك يتحول إلى طاقة ثم إلى وقود للحركة.
وهذه الطاقة تتكون بالتفاعل بين العناصر المختلفة، من تمثيل للغذاء وتحويل الطعام إلى نوعيات مختلفة لتغذية كل خلية من خلايا الجسم بما يناسبها،
ثم استخلاص " الأوكسجين " عبر التنفس وطرد ثاني أكسيد الكربون،
وعشرات الآلاف من التفاعلات الكيميائية لا توجد بها فضلات لتخرج، وهي تختلف عن التفاعلات الأخرى التي تخرج منها الفضلات من أحد السبيلين، أو من صماخ الأذن أو غير ذلك.
ومثل هذه الفضلات إنما تنتج من الاحتراقات التي نقول عنها: " العادم " في الآلات الميكانيكية.
والعادم هو نتيجة الاحتراق وهي غازات تنفصل لتسير الحركة.
وفي الإنسان نجد العادم يتمثل في الغائط، وما خرج من صماخ الأذن، و " عماص العين " ، والعرة، كلها عوادم.
لكنْ هناك لون من تركيبة هذه التفاعلات يُمثل لإيجاد الطاقة وليس له عادم.
والوسيلة الأساسية لاستعادة التوازن الكيميائي المناسب للإنسان هي أن نريح الجسم، وتتفاعل مواد الجسم مع نفسها ويعود طبيعياً. وهذا لا يحدث إلا بالنوم.
ولذلك نجد الإنسان حين يسهر كثيراً ويذهب إلى النوم يشعر برجليه وقد " خدلت " أو كما يقال:
" نملت ". وهذا نتيجة عجز مواد الجسم عن التفاعل الذي تحتاجه نتيجة اليقظة، وهذه كلها مسائل لا إرادية.
بدليل أن الإنسان يرغب أحياناً في أن ينام، ويتحايل أحيانا على النوم فلا يأتيه؛
لأن النوم من العمليات المختصة بالحق سبحانه وتعالى، وهو آية من آيات الله في هذا الكون، ومن ضمن الآيات العجيبة.
وحين حاول العلماء الباحثون أن يفسروا ظاهرة النوم، وضعوا عشرات النظريات، وآخر التجارب التي أجريت أنهم أحضروا إنسانا وعلقوه كالرافعة من وسطه، وكأنه عصا مرفوعة من وسطها بتوازن، وجعلوا كل نصف من النصفين متساوياً في الوزن،
وحين جاء النوم لهذا الإنسان محل التجربة وجدوا أن جهة من النصفين مالت، وكأن ثقلاً ما جاءها من النصف الآخر فزادت كتلتها،
وهذا آخر ما درسوه في النوم، هذه التجربة أثبتت أن النوم عجيبة من العجائب التي تستحق أن يقول الحق تبارك وتعالى عنها: { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلْلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [الروم: 23].
وانظر إلى كلمة " النهار " هذه تر فيها الرصيد الاحتياطي الموجود في آية النوم؛ لأنه سبحانه وتعالى يقول: { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلْلَّيْلِ }.
وفي هذا القول رصيد احتياطي لمن جاء له ظرف من الظروف ولم ينم بالليل، فيعوض هذا الأمر وينام بالنهار، ومن حكمة الله تعالى أنه ذيل هذه الآية بقوله عز وجل: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }.
وهذا بسبب أن النوم يعطل كل طاقات الجسم، فعندما ينام الإنسان لا يقدر جسمه على أن يتحرك التحرك الإداري، إلا السمع فهو باق في وظيفته؛ لأن به الاستدعاء،
وإنَّ العين - مثلاً - لا ترى أثناء النوم، إنما الأذن تسمع ولا تتخلى عن السماع أبداً؛
لأن بالأذن يكون الاستدعاء، فإذا ما نادى الأب ابنه وهو نائم فهو يسمع النداء. لذلك قلنا سابقاً:
إنَّ الحق سبحانه وتعالى حينما أراد أن ينيم أهل الكهف ثلثمائة سنة وازدادوا تِسْعا، قال تعالى: { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } [الكهف: 11].
لأنه لو لم يضرب على آذان أهل الكهف لظل السمع باقياً، فإذا ظل السمع، أهاجته الأعاصير، وعواء الذئاب، وزئير الأسود، ولما استطاعوا النوم طيلة هذه المدة.
والجواب نعم؛ لأنه مجرد الراحة من تعب لتنشط بعدها، هذا لنفهم أن " أمنة "
جاءت لمهمة هي تهدئة أعماق المؤمنين في المهيجات المحيطة، فهذا عدو كثير العدد،
وهو بلا عتاد؛ لذلك شاء الحق تبارك وتعالى ألا يضيع منهم الطاقة اللازمة للمواجهة، ولا تتبدد هذه الطاقة في الفكر؛ لذلك جعل نعاسهم مخصوصاً يغلبهم وهو " نعاس أمنة " ،
وجعل المولى عز وجل من هذا النعاس آية، حيث جاءهم كلهم جميعا، وهذه بمفردها آية من آياته سبحانه وتعالى... ولو غلبهم النوم العميق لمال عليهم الأعداء مَيْلًة واحدة، ولكنهم أخذوا شيئاً من الراحة التي فيها شيء من اليقظة.
{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً }.
وهنا النعاس مفعول به، وهو أمنة من الله، وسبحانه يقول في آية أخرى: { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً } [آل عمران: 154].
هنا في آية الأنفال نعاس وأمنة، وهناك في آية آل عمران أمنة ونعاس؛ لأن الحالتين مختلفتان
- فتوضح آية آل عمران أن التعاس قد غشى طائفة واحدة من المقاتلين في غزوة أحد بعد أن أصابهم الغم في هذه الغزوة، وهؤلاء هم المؤمنون الصادقون الملتفون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أما في سورة الأنفال فتبين الآية أن النعاس قد غشى الجيش كله حيث كان الجميع على قلب
رجل واحد والإيمان يملأ قلوبهم جميعا ولا يوجد بينهم منافق أو مرتاب فغشيتهم جميعا هذه الأمنة بالنعاس؛ لأنه يزيل الخوف، ومن دلائل الأمن والطمأنينة والثقة بنصر الله.
احبتى فى الله ان فى موضعنا هذا تتمه اسال الله لنا ولكم العافيه ونعم العافيه